الثلاثاء، أكتوبر ٠٧، ٢٠٠٨

مؤتمر الكحيانين العام - ( الدروس الخصوصية بين الفرض والوجوب)











مقدمة المؤتمر :

ضاقت السبل بالكحيان ، واسودت الدنيا في وجهه.. صار يحلم كثيرا بطاقية الإخفا، وفانوس إسماعيل ياسين، وأفاعيل روبن هود ..راح يحك صلعته السيراميكية ويمرر كفه عليها جيئة وذهابا حتى تحمر ويزيدها حكا حتى تسود وتربد، ينتف شعيرات أنفه الشائبة، وينظر إليها في حسرة قائلاً : ( شيبتني الهموم قبل الأوان ..وهذا نذير الخراب والاستحالة إلى التراب ) ... الزيادة المزعومة التي امتنت علينا بها الجامعة لم تأت إلى الآن – كان ينوي تخصيصها أجرة للتكاتك (جمع توك توك) بعد غلاء الوقود- مر عليها أربعة أشهر ولم تأت.والوزير (لعلها مشتقة من الوِزْر) يفسو - تقرأ بالقاف أيضا- ويقسم بكل الأيمان والمواثيق والمعاهدات الدولية ( السلام ، الكويز، الجات ...إلخ )على أن الزيادة قد وصلت بحمد الله سالمة لا شية فيها ،وتم قبضها ولم يعد في الجامعة كحيان ولا عار ولا جائع ولا دائخ ، وقال الوزير: إن ما يشاع ليس سوى أراجيف يرجف بها المرجفون ومن في قلوبهم مرض ، وقد أقسم صحفي كحيان للوزير أن زوجته المعيدة بإحدى كليات الجامعة لم تقبض شلنا منذ أن وعدت الحكومة وعدها المبارك إلى يوم الناس هذا !! .
تجشأ الكحيان وتكرع مشًّا - المش نوع من الجبن القديم المرصع بالديدان وقد أفتى الفقهاء بجواز أكله بالدود لأنه يصعب الاحتراز منه - وتكرع زيتا وبصلاً ، ثم هوى بقبضته الضعيفة على الطبلية المتهالكة فتهاوى صحن المش وانكفأ بدوده على الأرض، وساح الدود وظل يزحف حتى ولج سروال الكحيان دون أن يشعر به ، ومنه توغل حتى أشرف على مناطق استراتيجية حساسة، هنا صرخ الكحيان من الألم والإثارة قائلاً قولته المأثورة التي ذهبت مثلاً: لكل كارثة حل .. لكل كارثة حل!!.


أحداث المؤتمر :

دار الحوار ساخنًا في غرفة الكحيانين حول جدوى اللجوء إلى الدروس الخصوصية لحل مشكلة الانهيار الاقتصادي والاضمحلال النفسي والفقر الدموي للمعيدين ، مع الإقرار بأن هذه الظاهرة بدأت في التفشي في الأيام الأخيرة مما أقلق بعض المتحفظين وعقلاء الكحيانين الذين يتمسكون بهيبة الأستاذ وإن سار- من أجلها- في الناس بمرقوع الثياب أو سار عاريا بعورته. امتعض أحد الكحيانيين وقال معترضا: عن أي هيبة تتحدثون يا أساتذة ؟ إن المعيد لم يتبق أمامه إلا أن يسرق أو أن يعمل شحاذا بعد الظهر .. وكيف يهابه طلابه وهم يرونه ممصوصا دائخا مرقوع الثياب أو في أحسن أحواله يرتدي ثوبا واحدا كأنه في حالة حداد ؟!!!

وبعد حوار طويل ضاف صال فيه الكحيانون وجالوا تطرقوا إلى الحكم الشرعي للدروس الخصوصية أحلال هي أم لها حكم آخر؟ قال مؤرخ الكحيانين في حياد تام بعد أن مسح ربع صلعته : الأصل في الأشياء الإباحة مالم يرد نص بالتحريم وما يؤدي إلى الحرام فهو حرام ، وما يؤدي إلى الحلال فهو حلال – وهذه قد اخترعها من عنده- ولا ضرر ولا ضرار ومن مقاصد الشريعة حفظ النفس والعرض ، وللضرورة أحكام ... من هذا المنطلق أرى أن الدروس الخصوصية حلال .. حلال.. حلال قالها ثلاثًا مع مد الأخيرة وتنغيمها .

قال الكحيان : أنا لا أحرمها لكنها عندي كالميتة للمضطر، وهي في أحسن الأحوال من الحلال الذي تعافه النفس . وقال آخر بعد نوبة سعال شديدة كادت تودي بحياته وبعد أن تنخم نخامة غليظة سوداء دفنها أسفل السجادة المهترئة التي امتنت بها علينا إدارة الكلية : الأمر لا شيء فيه ، إذا كان يخلو من شبهة الإكراه ولي أذرع العيال، فهو عرض وطلب، وراح يستدل على كلامه باستدلالات فريدة من القرآن لم تخطر على بال مخلوق، واستدل بفعل الصحابة وأخذهم الأجرة على القرآن ، وراح يسرد تاريخ محفظي القرآن ومعلمي الصبيان من لدن بني أمية إلى عهد الكتاتيب التي بدأت في الانقراض منذ ربع قرن أو يزيد، وخلص من ذلك إلى أن الدروس الخصوصية لا شائبة فيها فهي – بقياس الأولى - أولى بالأجر فصفق له الجميع تصفيقًا حادًّا ، وبعد التصفيق تابع قائلاً: و إحقاقا للحق فإن الدروس الخصوصية تدور عليها الأحكام الخمس : فهي واجبة في حق المعدمين العزَّاب من الكحيانين، ومندوبة في حق البعض ومباحة لآخرين أما عن الكراهة والحرمة فرأى أن الحكمين لا وجود لهما في هذا العصر المبارك الأغبر والله أعلى وأعلم . وأخيرًا أفاق أحد الكحيانين من غفوته وكان بين الإغماء واليقظة وقال : لكن ياجماعة لا بد للأمر من ضوابط وروابط وألا يترك سبهللا، فأيده الجميع، وشرعوا في وضع الضوابط والروابط التي تضمن سير الدروس في مسارها السليم .


توصيات المؤتمر :

بعد شد وجذب ، وصراع وبكاء، وخصام وصلح خلص الكحيانون إلى هذه الضوابط والشروط :
1- يؤدي المعيد أولاً ما عليه من حق لطلابه حتى ينقطع نفسه، ولا يقوم بالترويج للدروس ولا يربط بينها وبين أعمال السنة أو جلب النتيجة من الكنترول قبل أوانها ولا يربطها كذلك بالتغاضي عن مسألة الحضور والغياب .

2- إذا أدى المعيد الدروس بحجرة المعيدين ، فيلزمه الحذر من أعين البصاصين والخباصين، كما يلزمه دفع إتاوة ( نسبة 20بالمئة من حصيلته) وهذه النسبة تخصص لرفع القمامة من غرفة المعيدين وتنظيفها وشراء زجاجات بلاستيكية نظيفة للشرب، وتغيير السجادة الممزقة، وإصلاح المقاعد المنبوشة والمنكوشة .

3- لا ينفرد المعيد بتدريس الفتيات الجميلات بل لابد من أن يحشر بينهن المتوسطات وبعض الذكور ليتجنب قالة السوء .
4- أن يتصدق المعيد من مال الدروس - بالربع على الأقل –على اليتامى والمقطوعين والأرامل وقطاع الطرق والطاعنين من الكحيانين ومستشفيات الحكومة والملاجئ والمورستانات حتى يبارك الله في رزقه .

5- أن يخصص المعيد هذا المال لركوب المواصلات ، ودورات الجودة التي تفرضها عليه الحكومة، ولإصلاح هندامه ولا ينفق شيئا منها في مأكله أو مشربه .

6- أن يزرع المعيد في طلابه حب الوطن ، وتقديس العلم واحترام العلماء، والجد والاجتهاد من أجل تحقيق شعار ( مصر بتتقدم بينا ) . وكل عام وأنتم بخير ( تنبيه : لا تنس عزيزي الكحيان التصويت أسفل الصفحة ) .