الخميس، يوليو ٠٢، ٢٠٠٩

خرافات خيالية من كوكب ك

الخرافة الثانية : المواطن صبري عبد الصبور

الرجل العظيم الذي ادعى الألوهية، ونددت به الجماهير لم يُقدَّم للمحاكمة أغلقوا ملفه، وأعلموا فيه خطوطًا حمراء، وحذروا الصحف من مسه؛ لأن الرجل فَقَد كلبه الأليف في ظروف غامضة، ونفقت قطته الصغيرة في أثناء وضعها. أما الأستاذة الجامعية التي ادعت النبوة، فقد حُكِم عليها بثلاثة أشهر مع إيقاف التنفيذ، احترامًا لحرية الاعتقاد وصونًا لمستقبلها الأكاديمي؛ ولأنها جميلة تملك نهدين نافرين رائعين.


وأما الإرهابي الأسود الذي قيل: إنه سب وزير النمو الكوكبي وتوعد باغتياله على الملأ، فقد تم القبض عليه وسجلت اعترافاته كاملة، وحرزت المواد الكيميائية التي كان ينوي خلطها ليصنع منها قنبلة فاتكة؛ ولكنه خرج من المعتقل بعد ثلاثة أشهر؛ إذ لجأ أبوه إلى راقصة الكوكب الأولى الآنسة ف التي تنتمي في الأصل إلى قريته، وقد كان أسدى لها في القديم معروفًا عظيمًا عندما انهال أهل القرية عليها ضربا بالقباقيب حتى أسالوا دماءها؛ إذ وجدوها عارية في حضن أحد شبانهم بين حقول الأذرة، فأنقذها من بين أيديهم وعطف عليها وأعطاها بعض المال قبل أن تهجر القرية إلى عالم الشهرة والسياسة، رحبت به الراقصة وذهبت في الليلة ذاتها إلى رئيس وزراء الحبس الكوكبي..مكثت في مكتبه الأنيق ساعة كاملة خرجت إثرها تسوي ثيابها وترتب بعض خصلات شعرها..طمأنت والد الإرهابي الذي كان ينتظرها خارج المكتب، وأكدت أن ولده سيكون في بيته صباحًا وكان...!!.

وأما المواطن النحيل صبري عبد الصبور، فلم تجد معه توسلات أبيه المشلول ولا دموع أمه العجوز، قدم له أهل الخير آلاف الالتماسات والتظلمات ..طالبت بعض الصحف العميلة المأجورة وزير الحبس مرارًا بالإفصاح عن سبب اعتقاله .. حاول أحد القساوسة في قريته أن يتوسط له فلم يفلح.لبث المواطن صبري عبد الصبور في المعتقل إحدى عشرة سنة دون محاكمة دهمه فيها أمراض قاتلة فقد فيها النطق، وفقد الذاكرة، وفقد حاسة الشم... وفي أحد التفتيشات الروتينية أصيب المواطن صبري عبد الصبور بجرح غائر في رأسه من جهة القفا، فاضطرت الإدارة إلى نقله إلى مشفى المصلحة، ولكن بعد أن بصم على إقرار أقر فيه بمسؤوليته عن هذا الجرح الخطير، وفي أثناء العلاج أصيب المواطن صبري عبد الصبور بغرغرينا في الجمجمة، فأجمع الممارسون والممرضون والفنيون والعشماوية وقائدو الترحيلات وإداريو المشفى وإداريو المطابخ على ضرروة بتر الرأس وفصله من موضع الرقبة، وإلا سرى الداء إلى سائر الجسد.

وفي إثر الجراحة الناجحة التي أجريت تم الإفراج الصحي عن المواطن صبري عبد الصبور، فاستقبله أهله بالزغاريد والقبلات والدموع الحارة، وأمام بوابة السجن، قالت له أمه:الحمد الله الذي كحل عيني برؤيتك قبل الموت..احمد الله يا ولدي ..نصف العمى ولا العمى كله.!!.أما أبوه فقد ربت كتفه وابتسم قائلاً له: لا تحزن إن المصلحة منحتنا شيكًا نشتري لك به رأسًا صناعيًّا على نفقة الكوكب ..وقد عثرنا لك على عروس جميلة !!.