الجمعة، نوفمبر ١٤، ٢٠٠٨

مشاغبات كحيانة .. على هامش أمثالنا الشعبية


العِفِشْ لا يموتْ ولا يِضَيَّعْ

أهلنا في الصعيد يظنون أن عمدة النجع رجل عفش والعفش هو البغيض القبيح الثقيل على النفوس الغتت الرذل الذي يقبع في العمودية حتى يشيب الولدان، وتموت النسوان، ويلحس الناس التراب، وينطفأ نور عيونهم وينقطع ماء بولهم.. وبعد حين من الدهر يأتي عزرائيل – بعد خراب مالطة- فيأخذ الروح العطنة العفشة ويرحل بها... فأهلنا يظنون أن العفش لعفاشته يخلد في الأرض، ولا يمكن أن يتوه أو أن تخطفه حدأة أو تدركه سكتة .... وقد أدرت هذه المعاني الجليلة في رأسي الكحيان وتذكرت قول النبي : (( كلكم تموتون وإنما يعجل بخياركم )) فأدركت أن العفش طويل العمر حقا – وأنه ليس لنا في الطيب نصيب- ... ولكن الأدهى أن يترك العفش بعده عُفَيِّشًا معتوها صغيرا يلهو بالعمودية، ويذيق الناس من عفاشته ما لم يذوقوه من قبل على يد العفش الأكبر جنبنا الله وإياكم العفاشة وما يقربنا إليها من قول أو عمل .


الحية تخلف تعبان

هذا مؤكد فإن الكحيان لا ينجب إلا كحيانا مثله، كما أن الفشكول لا ينجب إلا فشكولا والفركوش لا ينجب إلا فركوشا.... وقد قالوا في الأمثال الشعبية : (( فقير اتجوز فقيرة خلفوا شحات ظغير )) ... فهذا من طبائع الأشياء ومن سنة الإله في كونه أن يلد الشيء ما هو من جنسه ... لكن لا يبعد أن تنجب النعجة دوللي هرًّا عجوزا أو كلبا وفيًّا أجرب على شاكلتها. ولا يبعد أن ينجب أحفاد المرحومة الكلبة لايكا – التي غزت الفضاء- كتاكيت وغربان وبوما مشؤوما..هذا وارد فإن لكل قاعدة شواذ، والشذوذ يثبت القاعدة ولا ينفيها... إذن الحية تخلف تعبانا ألعن منها وأسخف... أرجو ألا يسأل القراء عن الرابط بين هذا المثل وسابقه... لأن ما أكتبه هنا بلا رابط غالبا، كما أنه قد جاء عفو الخاطر ولم أتعمده تعمدا .



دود المشّ منّه فيه
أعتقد أن قراءنا الكحيانين يعرفون ما المش ، ويعرفون ما الدود ...والذين يأكلون المش يعرفون أنهم لا يستطيعون أن يتحاشوا وجود الدود الطازج في اللقم اليابسة التي يرفعونها إلى أفواههم، ومن ثم فإنهم ينزلون على رأي الفقهاء الذين يجيزون أكل المش بدوده لتعذر التخلص منه فيأكلونه هنيئا مريئا، وأعتقد أن الدود من البروتينات التي تفيد صحة الكحيانين كثيرا،،وتعوضهم عن زيارة الجزار مرة أو مرتين في العام، وتكسبهم نضارة في الوجه، وتكسبهم بعض الانتفاخ في جثثهم الكحيانة وتمنحهم إدرارا للبول يفوق في قوته قوة العرقسوس ويمنحهم انعاظا قويا في الفراش لا مرمى وراءه، كما أنه لا تركبهم الشياطين ولا تتسلقهم العفاريت إذا أكلوه يوميا بالخبز الجاف. وأرجو أيضا ألا يربط القراء هذا المثل بسابقيه؛ لأني في الحقيقة لا أجد أي رابط بينهم، ومن عنده شيء من العلم في هذه المسألة فليتحفنا ولا يبخل علينا بعلمه .


اكمن أبوك جندي داير تهز وسطك
أرجو ألا يذهب عقل القراء بعيدا ، لأن من كان أبوه جنديا حقيقيا فحريٌّ به أن يكون من حاملي جينات الفروسية والعزة والشهامة والنخوة، فإن مات أبوه عافت نفسه أن يقال عنه : عاش ويعيش وسيموت في جلباب أبيه – فما بالنا إذا كان جلباب أبيه مسروقا- لكن مع الأسف الكثيرون من أبناء الجند لا يفقهون المسألة ، ولا يسمعون عن تلك الشعارات التي تحدثنا عنها، فتجد أوساطهم محلولة ومحزومة ، فيجوبون الموالد والكباريهات والمواخير وعلب الليل والبكابورتات ويقفون على قوارع الطرقات – كما تقف اللقمة في الزور- ليهزوا أوساطهم هزا قبيحا وربما كشفوا عن سوءاتهم ومآخيرهم في الطرقات بلا حياء أو خجل، بل إنهم يمدون أكفهم للناس فإن لم يعطهم أحد، سطوا على ما معه بالقوة ثم يودعون ما نهبوه خزائنهم التي ينوء بحمل مفاتحها العصبة أولو القوة.

طوله طول النخلة وعقله عقل السخلة

نحن نحترم الطوال بشدة خاصة المحترمين أمثال عم فشكول ومن على شاكلته ، فلا يظنن ظان أننا نعمم هذا المثل ونرمي به كل طويل، ففي النفس حاجات وفيكم فطنة ... وهذا ا لمثل الظريف ((النظيف)) يذكرني بقول الشاعر القديم :
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير. لكن الحمد لله الآن بفضل التقدم العلمي والتطور التكنولوجي والإليكتروني اندثر عقل السخلة؛ ليحل محله عقل البغلة، وصرنا نسمع عن المدينة الذكية والعمودية الإليكترونية، والوزير الآلي والبقية في الطريق إليكم ولكنكم قوم تستعجلون .


حاميها حراميها

أعتقد أن المثل لا يحتاج إلى تعليق مني لا لشيء سوى أني لم أفهم معناه جيدا ولم تسعفني القواميس والمعاجم في فك شفرته ولم يسعفني كذلك كتب مثل: تذكرة داود أو الرحمة في الطب والحكمة ولم يسعفني كذلك كتاب شمس المعارف الكبرى للبوني، ولا كتب الولادة بلا آلام ولا كتب علم الباه العربية ولا كتاب كيف تصبح مليونيرا ؟ فأرجو المعذرة ومن يعرف معناه وشرحه من القراء فليحتفظ به لنفسه .