الثلاثاء، أكتوبر ٢١، ٢٠٠٨

الكحيانــون ... فكــر جديـد لمستقبــل سعيـد - 1 -






أنصت الكحيانون جيدا إلى مفكرهم الكحيان الذي سكت دهرًا ونطق فكرًا بعد إدانته للفكر الحكيان المعاصر واتهامه له بالتقصير، وإشارته إلى ضرورة إيجاد حلول إبداعية لمشكلات الكحيانين الوجودية والغذائية ؛ وإشارته إلى إنه مازالت هناك كنوز كثيرة لم تفض مغاليقها بعد. وقد ذكر فيما ذكر فكرة استغلال الدارسين العرب – الخليجيين على الأخص - ولكن ظلت هناك إشكالية قائمة تعكر صفو الكحيانين، وتقف دون شروعهم في ذلك الاستغلال، ألا وهي السؤال عن مدى أخلاقية استغلال الدراسين العرب، و مدى تأثير ذلك في قيمة العلم ومدى تأثيره على سمعة التعليم في مصر، وسمعة المصريين عامة في بلاد الجاز ....


ولكن ماذا عليهم في ذلك ؟ ماذا يضيرهم ؟ فإن الحكومة - وهي القدوة- لتحثو من أموال العرب وتملأ جعابها بلا خجل، فهي على سبيل المثال - لا الحصر- تلزم من يتقدم إلى تمهيدي الماجستير منهم بدفع ما يزيد على 20 ألف جنيه - هي تحاسبهم بالاسترليني طبعا- وضاعف عزيزي القارئ هذا الرقم في الماجستير والدكتوراه، هذا فضلا عما يعود على خزائن الدولة من فوائد من جراء إقامتهم وسياحتهم في البلاد وهداياهم الثمينة التي يرشون بها الموظفين والأساتذة الكبار، وحتى لا أنسى أذكركم أن الجامعة قد رفعت أسعار التقدم لنيل هذه الشهادات على المصريين الفقراء منذ ما يزيد على عام رفعتها إلى خمسة أضعاف دفعة واحدة، ولا ندري أين تذهب كل تلك الأموال، مع العلم أن جامعة القاهرة وجامعة الأزهر بالقاهرة على وجه الخصوص يحققان أرباحا طائلة من جراء ذلك، ولا ندري حقًّا أين تذهب تلك الأموال ليت أحدا يجيبنا بحق !!!..

إلى هذا الحد كان يمكن ألا تعاب هذه الأمور على الحكومة، ولكن الذي ضايق الكحيانين ومن أجله ثارت ثائرتهم أن الحكومة كي تحافظ على هذه ا لدجاجة التي تبيض ذهبًا، فإنها تأتي أمورًا شائنة، وتتخطى كل الأعراف والقواعد الأخلاقية والعلمية، فتتهاون معهم وتتجاوز عنهم فيما لا يجوز التجاوز فيه، تتهاون معهم في نسبة الحضور التي يتحدد على أساسها دخول الطلاب الامتحانات أوحرمانهم منها، وتحرص على ألا يرسب طالب منهم ألبتة، وهذا مالا تفعله مع المصريين الحكيانين الذين تطبق عليهم القواعد بصرامة فيحرم أكثرهم دخول الامتحان لنقص يوم أو يومين في الحضور، رغم أن مايدفعهم إلى ذلك ظروف قهرية غالبا مثل العمل والسفر من محافظات أخرى بعيدة وكذلك يرسب أكثرهم في الأدوار الأولى. وقد أخبرني معيد كحيان بأحد الأقسام بكليتي،أن رئيس قسمه في نهاية السنة التمهيدية طلب إليه أن يعد قائمة بعد حصر الغياب بأسماء الطلاب الذين سيحرمون من دخول الامتحان لتقصيرهم في نسبة الحضور، قال ذلك الكحيان: وجدت أن القائمة بها عرب كثيرون ومصريون كذلك، وسلمت الورقة لإدارة الدراسات العليا وفي الامتحانات - والكلام له - فوجئت أن المصريين فقط هم المحرمون من الامتحان في حين أنه لم يحرم من الامتحان عربي واحد، وعندما تساءل عن السر في ذلك قيل له : إنها أوامر عليا !!! .

والغريب أن هذه الشروط لا تسرى على العرب، رغم محدوديتهم وقلة إمكاناتهم العلمية -إلا من رحم الله- ورغم أنهم أقل نشاطا وأقل رغبة في طلب العلم، وأنا أعترف أن إخواني العرب لا ينقصهم الذكاء ولا القدرة، ولكن جلهم يريد هذه الشهادات للوجاهة والتباهي بها، ومن أجل الوصول إلى المناصب السياسية العليا في بلادهم، وقد اعترف لي غير واحد بهذه الحقيقة المؤسفة، وقد زاملني بعضهم في التمهيدي، وكانوا إذا طلب منهم بحث أو تقرير أو ببليوجرافيا أتوا بها على الفور، فهم يدفعون لبعض الباحثين الكحيانين من المصريين فيفذلكون لهم الأبحاث في سويعات مقابل أسعار يحددونها، وبعض هؤلاء كان يقوم بإهداء الأساتذة هدايا ثمينة ( جوالات لا يقل سعر أحدها عن 3000 جنيه، أو لاب توب غالي الثمن، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى إهداء سيارات فخمة...) وذلك حتى يتجاوزا عنهم، وييسروا عليهم، وعندما سألت أحدهم : فيم تحتاج إلى الدكتوراه ؟ قال أنا لا أحتاج إلى العلم وأحتاج للدكتوراه من أجل أن يتم تعييني وكيلا للوزارة في بلادي. وقال آخر: أنا لا أريد علما ولا زفتا إنما أريد الشهادة للوجاهة الاجتماعية، وقد حاول الأخير أن يغري زميلا لنا وأن يستقطبه من أجل أن يفذلك له رسالة الدكتوراه. وأما عن الأساتذة فحدث عن المصالح والتربيطات معهم ولا حرج؛ حتى إنك تجد هناك أستاذا يحتكر أهل الكويت وآخر يحتكر أهل السعودية، وثالثًا يحتكر أهل قطر... إلخ فيقال: فلان (بتاع) الكويت وفلان (بتاع ) السعودية ... والعرب يأتون من بلادهم قاصدين فلانا أوعلانا بعينه ومعهم توصيات خاصة... وهؤلاء الأساتذة بالطبع يحتقرون - بالقاف لا بالكاف- بجانب ذلك الاحتكار المصريين الفقراء الكحيانين....
هؤلاء الأساتذة - وهم كثيرون - يتجاوزون عن العرب في نسب الحضور، ويمنحونهم في بحوثهم الركيكة التي فذلكها لهم ضعاف العلم والنفوس من المصريين الدرجات العليا، وينجحونهم أجمعين في الامتحانات ويضعون لهم خطط الماجستير والدكتوراه بأنفسهم، ويدافعون عن أغلاطهم في السيمنارات دفاعا شديدا بلا حياء أو خجل، ويدافعون عنهم في المناقشات دفاعا مستميتا يتجاوز كل الأعراف ويظلون بأعضاء اللجان حتى يمنحوهم الامتياز مع مرتبة الشرف وأغلب رسائلهم- لمن يحضر المناقشات- ركيكة جدا وضعيفة جدا . والكحيانون الآن يبحثون مسألة مشاركة هؤلاء الكبار حق الانتفاع بهذه الثروة العظيمة وذلك الكنز الثمين، عن طريق كتابة الأبحاث للعرب، ومساعدتهم في لجان الامتحانات، وصنع خطط الماجستير والدكتوراه وما إلى ذلك ... وهذا بلا شك سيحسن كثيرا من أوضاعهم المادية المتدنية للغاية .....
للحديث بقية