بعد أن صنعت ببليوجرافيا محكمة لموضوع الخطة، كان لا بد لي من الاطلاع على رسالة علمية لها صله بموضوعي.هذه الرسالة موجودة بالمكتبة المركزية بجامعة الأزهر الشريف الجليل الكريم العليم الرحيم رضي الله عنه وأرضانا به. قلل البعض من أهمية الرسالة الأزهرية وقال: أزهر إيه وبتاع إيه . وقال رجل من أهل المدينة: إنا غير ملزمين بالفحص والتنقير في الأزهر؛ لأن رسائلهم الموضوعة في مجال تخصصنا طبيخ؛ ولأنهم يكررون الموضوعات ويجترونها اجترارا كأنما يبصق بعضهم في فم بعض دون حياء أو خجل. وأضاف أن هناك سرقات وتلفيقات كثيرة عندهم. وقال الذي عنده علم من الكتاب: إياك والذهاب إياك والذهاب. لكنني ضربت بكلامهم الجائر عرض الحائط، وتوكلت على الله غير آبه لما قالوا : قلت لعله الحقد والحسد، وإن المعاصرة كما يقولون حجاب، وأنا مؤمن أن الغث أكثر من السمين في كل مكان في الأزهر أو غيره.
في الصباح الباكر، صعدت الأتوبيس المتميز- لعلها من قولهم: فلان يتميز من الغيظ - المتجه إلى مقر تلك الجامعة من رمسيس، ولكن ما إن خطا الأتوبيس خطوتين،وتقدم مترين، حتى تكدس في لمح البصر وامتلأ عن آخر آخره بقطعان البشر. وكأنا في يوم الحشر، فتصبب العرق مني بشدة، وانكتمت أنفاسي وانضعط بطني، والتوى رأسي، واندلقت أطراف القميص خارج السروال، وانحل رباط الحذاء، وابتل الجورب، وبلغ السيل الزبى. فسببت نفسي سبا شنيعا بشيعا على قلة خبرتي، ولعنتها على سوء تقديرها للأمور، وعلى سوء حظها.
دخلت الجامعة واستبشرت خيرا، فلا مخبرين على البوابة ولا أعين ولا بصاصين... المكتبة المركزية ذات هيئة جيدة،ونظيفة، مما يدل على أنه قد أنُفق فيها الشيء الفلاني. صعدت إلى الدور الثالث حيث قاعة الاطلاع على الرسائل، استقبلني، شاب، وطلب مني إبراز الهوية، ووقعت في الدفتر، ثم استفسر عما أريده، وجلس إلى الحاسب ليبحث عن الرسالة المطلوبة، وقد توصل إليها ولله الحمد بعد ثلاثين دقيقة تقريبا؛ فقد كان غشيما جدا لا يفقه ألف باء حاسب، وفي الوقت نفسه ممنوع منعا باتا لمس الجهاز المقدس من قبل الغرباء والدخلاء والمتطفلين وابن السبيل. ولكني اضطررت إلى إرشاده مشافهة حتى تمت المهمة بنجاح . ثم أرشدني – حفظه الله- إلى الأرفف التي يمكن أن أجد عليها الرسالة، وتركني وحيدًا شريدا أبحث بنفسي، وظللت عشرين دقيقة أبحث وأنقر وأدقق وأحقق ولكن بلا طائل فأخبرته بذلك، فظل يتقافز هاهنا وهاهنا وجاب الآفاق حتى عثر عليها في مكان آخر. شكرته وأخذت الرسالة ممتنا.
توجهت بالرسالة إلى المكان المخصص لاطلاع الباحثين، فجبذني من ذراعي قائلاً: إلى أين؟ ... لا تجلس هناك. قلت : لمه ؟ قال: أنت لم تدفع بعد ؟ قلت : ماذا؟ قال: رسم الاشتراك عشرون جنيها. قلت: لكني أريد الاطلاع على محتوى الرسالة فقط. قال: إذن اجلس هنا أمامي. شكرته وجلست أتصفح الرسالة وأنا أزدرد لعابي بصعوبة، أخرجت قلمي وأوراقي لأدون بضع ملاحظات، فهب من مجلسه مشيرا بكفه نحوي أن لا!! قلت : لمه؟ قال: ممنوع أنت لم تدفع بعد . فنحيت القلم والأوراق جانبا ودمي الضحل قد بدأ يغلي في عروقي المهترئة الضعيفة. وبعد عشر دقائق، هب الشاب من مقعده كمن عقره كلب، وصفق لي بقوة قائلاً: لقد انتهى وقتك ياأستاذ !!!. فانطلقت رغما عني ضحكة لا أدري ما سمكها، وقلت متفكها: أهي (بسكلتة) ياسيدي استأجرتها منك بضمان الشبشب، ثم بعد أن انتهى الوقت تصفر لي وتصفق لأعود!!!!. ما هذا يا أستاذ ؟ أمن أجل أن أطلع على رسالة لا بد أن أدفع إتاوة في كل مكتبة أدخلها؟ أمن أجل ذلك تهان كرامتي؟ لم كل هذا العنت والتكلف والتضييق؟ هل هذا هو التشجيع المزعوم للبحث العلمي؟ هل تحوي الرسائل أسرارا عسكرية لا يجوز الاقتراب منها ؟ أيحدث هذا في الأزهر الشريف الذي يفترض فيه أنه يبذل العلم للناس ويشدهم إليه، وذكرته بحديث النبي صلى الله عليه وسلم :من كتم علما مما ينفع الله الناس به ألجمه الله بلجام من النار. فيبدو أن المسكين لم يفقه قولي، فهو موظف مسكين ينفذ التعليمات فقط، وقد أشار- حفظه الله- إلى قرار مصلوب على الحائط ممهور بأختام شريفة وإمضاءات جليلة. ولما هدأت ثائرتي سألته هل يوجد تصوير؟ قال: لا التصوير هنا ممنوع منعا باتا، وأشار إلى قرار شريف آخر مصلوب بجوار أخيه السابق يؤكد صدق قوله. فقلت له: هل تسمح لي أن أنقل فقط فهرس موضوعات الرسالة؟ فنظر- حفظه الله- إلى السقف وحملق فيه قليلا ثم قال لي مترددا : تفضل . فنقلته سريعا. وحمدت الله أن الرسالة عادية جدا شأن رسائلنا العلمية الرائعة في هذا الزمان المبارك، وخرجت من جامعة الأزهر الشريف رضي الله عنه وأرضانا به وبأهله، وعبارة ( إياك والذهاب إياك والذهاب ) تطن في أذني طنا .
في الصباح الباكر، صعدت الأتوبيس المتميز- لعلها من قولهم: فلان يتميز من الغيظ - المتجه إلى مقر تلك الجامعة من رمسيس، ولكن ما إن خطا الأتوبيس خطوتين،وتقدم مترين، حتى تكدس في لمح البصر وامتلأ عن آخر آخره بقطعان البشر. وكأنا في يوم الحشر، فتصبب العرق مني بشدة، وانكتمت أنفاسي وانضعط بطني، والتوى رأسي، واندلقت أطراف القميص خارج السروال، وانحل رباط الحذاء، وابتل الجورب، وبلغ السيل الزبى. فسببت نفسي سبا شنيعا بشيعا على قلة خبرتي، ولعنتها على سوء تقديرها للأمور، وعلى سوء حظها.
دخلت الجامعة واستبشرت خيرا، فلا مخبرين على البوابة ولا أعين ولا بصاصين... المكتبة المركزية ذات هيئة جيدة،ونظيفة، مما يدل على أنه قد أنُفق فيها الشيء الفلاني. صعدت إلى الدور الثالث حيث قاعة الاطلاع على الرسائل، استقبلني، شاب، وطلب مني إبراز الهوية، ووقعت في الدفتر، ثم استفسر عما أريده، وجلس إلى الحاسب ليبحث عن الرسالة المطلوبة، وقد توصل إليها ولله الحمد بعد ثلاثين دقيقة تقريبا؛ فقد كان غشيما جدا لا يفقه ألف باء حاسب، وفي الوقت نفسه ممنوع منعا باتا لمس الجهاز المقدس من قبل الغرباء والدخلاء والمتطفلين وابن السبيل. ولكني اضطررت إلى إرشاده مشافهة حتى تمت المهمة بنجاح . ثم أرشدني – حفظه الله- إلى الأرفف التي يمكن أن أجد عليها الرسالة، وتركني وحيدًا شريدا أبحث بنفسي، وظللت عشرين دقيقة أبحث وأنقر وأدقق وأحقق ولكن بلا طائل فأخبرته بذلك، فظل يتقافز هاهنا وهاهنا وجاب الآفاق حتى عثر عليها في مكان آخر. شكرته وأخذت الرسالة ممتنا.
توجهت بالرسالة إلى المكان المخصص لاطلاع الباحثين، فجبذني من ذراعي قائلاً: إلى أين؟ ... لا تجلس هناك. قلت : لمه ؟ قال: أنت لم تدفع بعد ؟ قلت : ماذا؟ قال: رسم الاشتراك عشرون جنيها. قلت: لكني أريد الاطلاع على محتوى الرسالة فقط. قال: إذن اجلس هنا أمامي. شكرته وجلست أتصفح الرسالة وأنا أزدرد لعابي بصعوبة، أخرجت قلمي وأوراقي لأدون بضع ملاحظات، فهب من مجلسه مشيرا بكفه نحوي أن لا!! قلت : لمه؟ قال: ممنوع أنت لم تدفع بعد . فنحيت القلم والأوراق جانبا ودمي الضحل قد بدأ يغلي في عروقي المهترئة الضعيفة. وبعد عشر دقائق، هب الشاب من مقعده كمن عقره كلب، وصفق لي بقوة قائلاً: لقد انتهى وقتك ياأستاذ !!!. فانطلقت رغما عني ضحكة لا أدري ما سمكها، وقلت متفكها: أهي (بسكلتة) ياسيدي استأجرتها منك بضمان الشبشب، ثم بعد أن انتهى الوقت تصفر لي وتصفق لأعود!!!!. ما هذا يا أستاذ ؟ أمن أجل أن أطلع على رسالة لا بد أن أدفع إتاوة في كل مكتبة أدخلها؟ أمن أجل ذلك تهان كرامتي؟ لم كل هذا العنت والتكلف والتضييق؟ هل هذا هو التشجيع المزعوم للبحث العلمي؟ هل تحوي الرسائل أسرارا عسكرية لا يجوز الاقتراب منها ؟ أيحدث هذا في الأزهر الشريف الذي يفترض فيه أنه يبذل العلم للناس ويشدهم إليه، وذكرته بحديث النبي صلى الله عليه وسلم :من كتم علما مما ينفع الله الناس به ألجمه الله بلجام من النار. فيبدو أن المسكين لم يفقه قولي، فهو موظف مسكين ينفذ التعليمات فقط، وقد أشار- حفظه الله- إلى قرار مصلوب على الحائط ممهور بأختام شريفة وإمضاءات جليلة. ولما هدأت ثائرتي سألته هل يوجد تصوير؟ قال: لا التصوير هنا ممنوع منعا باتا، وأشار إلى قرار شريف آخر مصلوب بجوار أخيه السابق يؤكد صدق قوله. فقلت له: هل تسمح لي أن أنقل فقط فهرس موضوعات الرسالة؟ فنظر- حفظه الله- إلى السقف وحملق فيه قليلا ثم قال لي مترددا : تفضل . فنقلته سريعا. وحمدت الله أن الرسالة عادية جدا شأن رسائلنا العلمية الرائعة في هذا الزمان المبارك، وخرجت من جامعة الأزهر الشريف رضي الله عنه وأرضانا به وبأهله، وعبارة ( إياك والذهاب إياك والذهاب ) تطن في أذني طنا .