الثلاثاء، أغسطس ٢٦، ٢٠٠٨

يوميــات باحـث عبيـــط - الأولى





ضبطت المنبه الأرعن بعد أن ركلته ركلتين، ولكمته لكمتين، كي أستيقظ بعد ساعة ونصف، وبالفعل استيقظت وصليت الفجر وأنا شبه نائم ، حتى إني في دعاء الاستفتاح ضبطت نفسي متلبسا وأنا أقول : ( اللهم بك وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت روحي فارحمها وإن أرسلتها....) وهنا انتبهت وتذكرت أني في الصلاة ولست في الفراش فكبَّرت من جديد، وبعد الصلاة غسلت عيني المنتفختين المتوهجتين بماء مثلج جدا لعلي أفيق، جهزت حقيبتي العتيقة وذهبت إلى محطة رمسيس، انتظرت أحد الميكروباصات الذاهبة إلى الإسكندرية من الطريق الصحراوي، وكان نصحني صديق أن أركب الأتوبيس أو القطار فهما أفضل وأرخص، قلت له : إني أفضل السفر السريع حتى أستطيع أن الإفادة من يومي خاصة أني أعود في اليوم نفسه، ثم إن الأتوبيس غير آمن فقد احترق منذ يومين الأتوبيس الذي كان يستقله صديقي سالف الذكر واشتعلت النار في مؤخرته، وراح يطفئ النار مع المطفئين من ماء الترعة المجاورة،فكانت النار تزيد اشتعالا. وأما القطار فحدث عن حرائقه ولا حرج ،وأما الموت على الطريق الصحراوي فهو موت آمن ومريح، ركبت السيارة وتأكدت من السائق أن الأجرة عشرون جنيها فقط، ركبتها وليتني ما ركبت، فالسيارة ضيقة وغير مريحة ولا مكيفة، والسائق صاحب مزاج وسخ بدأ يومه بالاستماع إلى أغان هي أشبه بعواء الذئاب أو اصطراخ الخرس لا أدري بالتحديد، والعجيب أن السماعات في سيارته كانت تفوق – والله العظيم – قوة أقوى (دي جي) على ظهر الأرض، وكادت تصم الآذان، ولم يفهم احد كلمة مما يقال في الأغاني، وكان السائق مع ذلك يهز رقبته الغليظة في بلاهة ونشوة، والناس قد أصابهم دوار شديد، وبلغ بهم الكرب والغيظ مبلغا عظيما، ولم يجرؤ أحد أن يحادثه بشأن الصوت، وقد تألمت ركبتاي وتورمت أصابع القدم وأكل وجهي الذباب، وآلمتني البواسير، فلعنت في سري السائق ومن علمه قيادة السيارات، ثم انفجرت فيه بعد ساعة وقلت له: أغلق هذا الزفت وارحمنا أرجوك، فنظر إلي شزرا، وراح يهز رقبته الغليظة، وخفَّض من الصوت قليلا ثم أعاده بعد قليل ولا حياة لمن تنادي، ولما ولجنا مدخل الإسكندرية طلب السائق الأرعن منا جمع الأجرة وهي اثنان وعشرون جنيها لا تنقص تعريفة، ولما اعترض البعض عليه أقسم بتربة أمه أنه قال قبل الطلوع إنها اثنان وعشرون وكل عام وأنتم بخير، دفعت المبلغ المطلوب على مضض وأنا ألعنه في سري وألعن من رفع أسعار الوقود لعنا كبيرا. نزلت تحملني قدماي بصعوبة بالغة وسرت بخطو متعرج نحو مكتبة كلية الآداب بجامعة الإسكندرية العريقة . يتبع


هناك ٩ تعليقات:

غير معرف يقول...

يا أخي العزيز يجب أن توضح ،هل اشتعلت النار في مؤخرة الأتوبيس أم مؤخرة صاحبك؟؟؟؟!!!!!

غير معرف يقول...

والله يابني أنا مش صعبان علي غير صاحبك العبيط الي مطاوعك ومنين ما تروح لازق فيك ،واضح انه أعبط منك ويظهر عليه من أرباب المكتبات لأنه أهبل ،وعلى فكرة أنت نسيت تقول إن صاحبك كان كارنيه منتهي ،وقطع تذكرة بسببك،وأنه دايما بيعطلك بالأكل والجوع الي مبيفرقهوش ،لا صاحي ولا نايم ،وأنك بقيت بتخاف على نفسك من معدته الواسعة التي تتحمل أـوبيس بركابه

الكحيان يقول...

لو كانت النار يافلح اشتعلت في مؤخرة صديقي لما استطاع أن يذهب مع الذاهبين إلى الترعة لجلب الماء فقد كان من الأفضل في هذه الحالة أن يلقي بمؤخرته في الترعة والله أعلم.

أما عن كرش صديقي الواسع فهو مشكلة خطيرة دون حلها حز الرقاب، وسفك العصائر، تجعلني هذه المشكلةأتوجس خيفة كلما سرت بجواره،وأتذكر مقاطع قاتلة من أفلام دراكولا، وتجعلني أرقبه من بعيد في المكتبة كلما تاه بين الأرفف فربما اختلس رسالة دكتوراه من ذوات الحجم العائلي فابتلعها، أو ربما تعلل وتصبر إلى حين بكتيب صغير حتى يأتيه الفرج فيلج إلى إحدى محلات الفول فيعب منه في كرشه الفخيم

مذكرات كشكول المورق يقول...

تحية طيبة
جميل أنك قمت بفتح التعليقات على الرغم من أنها مذكراتك الخاصة إلا أنها تحمل تجارب ليس للباحثين فقط بل لكثيرين من الناس.
أزمة السائقين ووسائل المواصلات أمرها أقبح مما يكون.
مابين السيارة الضيقة وخاصة التويوتا الحديثة بدء من 2006 إلى العام الحالى،حتى كما ذكرت تكييفها لا يعمل إلا بمزاج صاحب المعالى السائق،والأزمة الأكبر لأصحاب المزاج أمثالى ممن يستهواهم الجلوس فى الكرسى الأخير بجوار الشباك.
وحتى ان أعجبك المقام وجلست فى راحة تامة يبدأ الإزعاج يأتيك من خلف أذنيك ومن أمام عينيك من شرائط ممتلئة فارغة بأصوات ان مثلناها بالحمار فقد وجهنا له السباب :(
أو يقابل السائق شخصا ما ويبدأ سيل من أقذر السباب الذى لم تسمعه فى حياتك.
وإن ذهبت إلى النقل العام سواء قطار أو أتوبيسات تجد العطب قد أصابها والإهمال عرف طريقه لها،وللحق أقول نحن كمواطنون لنا يد فيما حدث ويحدث فى منظومة النقل العام والخاص أيضا،فإن ركب بعض منا النقل العام قام بإتلاف كساءالمقاعد والإساءة للمقعد الذى يجلس عليه،وإن ركب النقل الخاص استسلم لإرادة السائق وما أدراك مايقوم به
من ركاب زيادة وأجرة زيادة وأشياء فوق العادة.
ولايجد من يقول له هذا يخالف القانون ولكن لا حياة لمن تنادى.
يبدو أنك غير معتاد على السفر كثيرا أو ركوب مواصلات لمسافات طويلة بعض الشىء.تمنياتى لك بالتوفيق،وكل عام وأنت بخير (رمضان كريم)
خالص تحياتى؛

الكحيان يقول...

شكرا لك عزيزي وتقبل الله منا ومنكم، لقد أصبت المحز كما يقولون، ووقعت على مكمن الداء؛ فإن السبب الحقيقي في هذه الأزمة هو سلبيتنا، فتخيل أنني ركبت المترو في صباح يوم -ومترو الأنفاق معروف إلى حد كبير بالصرامة والانضباط لأنه يلجأ إلى سياسة الكرباج - الغرامات- المهم انفتح باب المترو فوجد في وسطه كومة كبيرة من قشر القصب، فضربت كفا بكف كيف وصل الأمر بهؤلاء الحمقى أن يمصون أعواد القصب داخل العربة ويتركون القشر هكذا مبعثرا؟، ومن هؤلاء الحمقى من الركاب الذين رأوهم ولم ينكروا عليهم أو يأخذوا على أيديهم؟. مع الأسف نحن شعب همجي غير متحضر إلا من رحم الله فينا . عمدة نيويورك يهدد الآن بسحب اللوحات الدبلوماسية من سيارات المصريين في أمريكا لأن السيل قد بلغ الزبى، فقد بلغت مخالفات المصريين المرورية الآن 2مليون دولار هذا في أقل من عام واحد. فقد تصدرت مصر للعام الثاني على التوالي، قائمة البعثات الدبلوماسية في نيويورك (التي تزيد عن 180 بعثة) في ارتكاب مخالفات قواعد المرور، والتي بلغت نحو 20 ألف مخالفة، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

غير معرف يقول...

والله صديقك هذا يخاف منه حقا ،فأنا أعرفه جيدا وهو من طراز فيل 22 وهذا الطراز غالبا ما تجده يمشي ولا غيره يسير قريبا أو يسير أصلا ،فنصيحتي أن تترك هذا الصديق إلى غير رجعة فعله نسى وفعلها معك

مذكرات كشكول المورق يقول...

تحية طيبة :)
بالفعل لدينا سلبية والسواد الأعظم يردد مقولة (وأنا مالى)
فكثيرون يخشون الوقوع فى مأزق أو عراك مع أى شخص أيا كان نعته،وفى الوقت نفسه هناك من يريدون الإصلاح ويحتجوا على مايصدره المواطنون من أفعال يندى لها الجبين .والأمر لايقتصر على وسائل المواصلات فحسب بل يتطرق إلى مناحى الحياة كافة :(
ولا حياة لمن تنادى وكما يشاع الآن فى مصر ركب الحضارة كالسلحفاه،وجميع الحضارات انصبت ركائزها على تربية الإنسان فلايوجد لدينا التربية والتوجيه وسياسة عقاب المخطىء التى تسير للأسف بالعكس.
ودليل على ذلك ماذكرته فى كلامك عن الدبلوماسيين فى الخارج،فإن تربوا على مبدأ المساواة وضبط سيولة المرور وليس لأن موكب فلان أو علان يمر لكانت ـحسنت أمورهم فى الخارج وهذا لايمنع من وجود فئات من نوابغ مصر تحاول أن تكسر تلك الصفات السيئة وتزيل الصورة التى بدأت تتوطن فى عقول البلدن الأخرى.
تمنياتى لك بصيام مقبول :) والمزيد من التجارب التى يشاركك معها كثيرين من أبناء الوطن.
خالص تحياتى؛

Yusuf Eltelpany يقول...

ههههههههه
يبدو أن مذكراتك هذه ستلتهم بعضا من وقتي بأسلوبها المرح الخفيف ...
سائق الميكروباص هذا هو نفسه على خط أكتوبر والجيزة والهرم و ..., وتحية كبرى إلى ميكروباصات الجمعية, التي استطاع أصحابها اختراع أول علبة سردين بشرية تشع منها الضوضاء وتسير على أربع عجلات كاوتش !!

واحدة مجنونة يقول...

السلام عليكم
اعجبتني المذاكرات كلها للغاية و كذلك المواقف الكوميدية المبكية للغاية
اثبت فعلا ان حال البحث العلمي في مصر و ما يقال عن اننا دولة متقدمة كله كلام في الهوا
بصراحة يعني مفيش حد عاقل يتعين معيد خالص و لا يفكر انه يدرس في البلد دي
بس ربنا معاك في الاول و في الاخر
اسلوبك في الكتابة مميز
و انا على فكرة من النص اللي مش شايف الكوب اصلا , مش انه نص مليان و لا نص فاضي
تحيات واحدة مجنونة